المحميات في العالم العربي

المحميات في العالم العربي
06 Jan, 2022 183 مشاهدة

المحميات في العالم العربي

 

يمكن وصف المحميات الطبيعية والبيئية، سواء أكانت برية في الصحراء، أو في السهل أو الجبل، أو كانت مائية في الأنهار والبحيرات والمستنقعات والبحار، بأنها هجوم مضاد للطبيعة بمعاونة الإنسان على التدمير الممنهج للطبيعة، الذي مارسه الإنسان نفسه على مرّ القرنين الماضيين، ومنذ انطلاقة الثورة الصناعية واستخدام الطاقة الأحفورية على نطاق واسع من الفحم الحجري إلى النفط حتى اليوم. وليست الطاقة سبباً للتدهور البيئي وحدها، بل وتزايد أعداد السكان بشكل مطرد خلال القرن العشرين، الذي أدى إلى تمدد المناطق الحضرية والمدنية نحو البراري والبحار والغابات والجبال والوديان ومحيط الأنهار الكبيرة والصغيرة في أنحاء العالم.

وسواء أكان هذا التدمير البشري للبيئة الطبيعية مقصوداً وممنهجاً، أو عن قلة دراية بالسلسلة التي تربط  من حيوان ونبات ببعضها البعض، فإن المجتمعات البشرية في هذا العصر باتت تعرف تماماً أهمية الحفاظ على البيئة الطبيعية وإعادة تأهيل المتضرر منها، وإحياء أنواع من الكائنات الحيوانية والنباتية التي كانت على أبواب الانقراض. ويوجد حالياً 22 مليون كيلومتر مربع (16.6 في المئة) من النظم البيئية للأراضي والمياه الداخلية، و28.1 مليون كيلومتر مربع (7.7 في المئة) من المياه الساحلية والمحيطات، ضمن المناطق الموثقة المحمية والمحافظ عليها في جميع أنحاء العالم، وهي مساحات تزيد بمقدار 21 مليون كيلومتر مربع عن مساحات المناطق المحمية عام 2010.

وهكذا، أخذت فكرة المحميات الطبيعية والبيئية تحظى بالعناية الكافية في جميع أنحاء العالم، ومنه العالم العربي الذي راحت الحكومات والمؤسسات البيئية وجمعيات المجتمع المدني وجماعات الضغط البيئية العالمية ذات الفروع في العواصم العربية، تلقي الضوء على هذا الموضوع بشكل كبير في العقود القليلة الماضية، وهذا الاهتمام أثمر خلق محميات طبيعية واسعة المساحات، وتحظى بالعناية والاهتمام الكبيرين من قبل العلماء و ، وكذلك من الناشطين البيئيين ووزارات البيئة التي استحدثت في معظم حكومات العالم العربي في أوقات متفاوتة خلال العقود الأخيرة. وواحد من الأسباب الكثيرة التي تدفع إلى إنشاء المحميات في الدول العربية، وهو أن من بين الدول العربية التي تقع في قارة آسيا فقط، تم تحديد 269 موقعاً من المواقع التي تعتبر مناطق مهمة لهجرات الطيور السنوية والفصلية. وفقاً لتصنيف المجلس العالمي لحماية الطيور، تشكل هذه المواقع مساحة تقدر بنحو 300 ألف كيلومتر مربع أي نحو 5 في المئة من مساحة اليابسة في هذه الدول.

اوباتت في كل دولة في العالم العربي مجموعة كبيرة من المحميات الطبيعية ذات التأثير البيئي المحلي والإقليمي والعالمي على التوازن الإيكولوجي، وتوزع الكائنات في هذه المحميات، سواء كانت مقبلة على الانقراض أم لا، ولكن قبل وصف الأوضاع الإيجابية التي تحيط بالمحميات الطبيعية في العالم العربي، لا بد من عرض الثغرات والإخفاقات في حماية المحميات نفسها أو في عددها وحجمها والوظائف التي عليها أن تؤديها.

الباحث والناشط في المجال البيئي عبدالهادي نجار عرض في تقرير، لما تعرضت له بعض المحميات المهمة من سوء إدارة أو متابعة أو من تعديات من قبل الصيادين، ما دفع السلطات إلى التشدد في عقوباتها على المخالفين.

على سبيل المثال، اضطرت الهيئة السعودية للحياة الفطرية قبل أشهر إلى فرض غرامات قد تصل حتى 30 مليون ريال، أي نحو 8 ملايين دولار بعد أن سجلت خلال العام الماضي تجاوزات كثيرة في المحميات، وصل عددها إلى 500 مخالفة صيد جائر في محميات تعتبر محطات إقامة دائمة لطيور الغاق السقطري المهدد بالانقراض، وطيور الخرشنة البيضاء الخد، وكذلك الطيور المهاجرة كالحبارى والكروان والصقور، ولكن الصيد الجائر، وفق ما تظهره مقاطع الفيديو المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دفع المعنيين إلى تشديد الرقابة والعقوبات، خصوصاً مع ظهور تقارير عن تناقص كبير في أعداد طائر القميري وحيوان الضب.

لكن تجاوزات المواطنين الأفراد ومخالفاتهم قد تكون صغيرة أمام المخالفات التي ترتكبها الحكومات نفسها، كما هي الحال في محمية "الكائنات الحية والفطرية" في سلطنة عمان، التي تضم أنواعاً فريدة من الكائنات البرية والنباتات والحشرات والتضاريس والموارد المائية، وتحتفظ بالطبيعة العمانية وتوازنها البيئي. ولهذا السبب في سنة 1994، أدرجت "اليونسكو" المحمية ضمن قائمة مواقع التراث العالمي الطبيعي، إلا أن المنظمة الدولية قررت سنة 2007، وللمرة الأولى في تاريخها، حذف المحمية من القائمة، بعد قرار السلطات العمانية تقليص مساحة المحمية إلى 10 في المئة من مساحتها، بسبب أعمال التنقيب عن النفط والغاز.


مشاركة الخبر:

info@iutrees.org 📧

عنوان المكتب المسجل:🏢 22 Edward Road, Leicester, England, LE2 1TF

فروعنا: تركيا - الأردن - ليبيا - اليمن - تونس - المغرب - الصومال - موريتانيا - السعودية - البحرين - الإمارات العربية المتحدة - فلسطين - الجزائر - الكويت

حسابات التواصل الاجتماعي